أخبار%20المؤسسة

اخر الاخبار

جاري تحميل اخر الاخبار...

اخبار عاجلة

اخبار%20عاجلة

اخبار الشعر

شعر

ثقافة وفنون

ثقافة وفنون

الاثنين، 11 يوليو 2016


النوم مع العدو :: بقلم منى الصراف / العراق




قصة قصيرة

حاولت الوصول الى سلام داخلي فرضته على نفسها مع هذا العدو ، كانت كما هي الكرة المتدحرجة لاتستطيع الأمساك بها ، أخفت كل مشاعرها ومبادئها ، واصبحت كما هو الماء بدون طعم ولون ورائحة . تجربة بائسة بكل معنى الكلمة ، امسى جسدها ناراً تتلظّى . اما هي صارت لها أحب الناس وأقربهم من قلبها مكانة .
دخلت الجامعة بمحافظة بعيدة عن اهلها ، رحبت بهذا الهروب من مكان لم يمنحها سوى الخوف .
ما اصعب أن يقع الانسان في قبضة الخوف من نظام سلب من عائلتها طعم السلام والراحة ، وكان الاخ الاكبر هو السبب بكل ما جرى للعائلة بعد هروبه خارج البلد لانه كان يُعد معارضاً له لا لشيء سوى انه كان يحمل فكر اخر . هرب هو من قبضتهم وهم وقعوا في براثنه ، الكل متهم وفي دائرة الشك .
اصبحت نحيفة جداً تئن أنيناً تتمزق له الاحشاء ، حتى رنة جرس الهاتف او الباب اصبح لها وللعائلة رعباً . حملت حقائب مثقلة بهموم واوجاع غادر بعضها معها واوجاع اخر تنتظر لها الفرج .
الجامعة كانت في شمال البلاد لعل البعد الجغرافي عن مركز الموت يمنحها بعض سلام ، دخلت القسم الداخلي كان أنيقاً وفيه من الترف مما اعطى لها بعض الراحة ، الصدفة وحدها جعلتها تسكن مع رئيسة اتحاد الطلبة وعضوة فاعلة في الحزب الحاكم .
اما هي كانت تمتاز برجاحة عقلها وخطط تشتعل بها افكارها بسرعة البرق تقبلت هذه المشاركة لتجعل من هذا العدو ساتراً لها من براثم الطلبة المتحزبين مع النظام ، فقد استطاعت بحكمتها ان تجعل منها صديقة ، كانت فتاة قمحية البشرة شعر طويل ناعم ،انف افطس ،وشفتين غليظتين ،متوسطة القامة .
وقع العدو بحبها بعد ان منحتها من الكرم وحسن الانصات لكل كبيرة وصغيرة ولن تبخل عليها بالنصيحة او الوقوف معها في بعض الامور الصعبة التي كانت تصطدم بها حتى مع عشقها الذي كان بطعم العفن .
زادت ثقتها بتلك الصديقة واصبحت تحكي لها الكثير من عملها الحزبي واجتماعاتهم وحتى تلك التقارير التي ترفعها الى دوائر الأمن عن كل طالب وطالبة تشك بعدائه للسلطة .. كان عزاؤها الوحيد من هذه العلاقة انها استطاعت ان تنقذ الكثيرين من فم الموت بحجة او بأخر بازالت اسمائهم من قوائمها السوداء بعد معانات وتوسلات لابعاد الشك عنهم . قلب لئيم ومريض ولا يحوي دما ، تسير بعروقه السموم الصفراء ، هو الموت وحده كان نقاباً لوجه تلك العدوة البائسة .
اما هي لقد كانت راجحة الفكر ، متزنة المواقف ، تتحلى بأخلاق جميلة ومتواضعة محبوبة من الجميع ، انيقة جدا ، جميلة ورقيقة . الكثيرون كانوا يتمنون وصالها ، لكن فارسها لم يخلق بعد او لعله كان يحبو ، هكذا كانت تقول لزميلاتها وصديقاتها في الجامعة في جلسات سمرهن وقفشاتهن المرحة .
حدث اضطراب في الجامعة .. مظاهرات كبرى وصلت الى مركز المدينة ، وطائرات النظام محلقة فوق سماء الجامعة تبث الرعب فوق الرؤوس الطلبة . ولوحة جميلة في مدينة اخرى شوهتها غربان القبح بالكيمياوي .. كان ظل الخوف طويل جدا احاط هذا البلد سنوات طويلة .
وضعت الاسلاك حول الجامعة واصبح الكل في سجنها . وعدو يجلس ليلاً ليسجل اسماء المشاركين في هذه التظاهرات من الطلبة .
استطاعت بحكمتها ان تنقذ البعض منهم وتجبرها بمحو اسمائهم من تقاريرها بحجة انها كانت شاهدة على عدم مشاركتهم في هذا الاضراب او التظاهر .
اما بقية الاسماء اوصلتها لصديقاً لها في القسم الداخلي للطلبة لكي يساعدهم على الفرار فوراً منه .. فقد كانت الاقسام الداخليه للبنات والذكور في نفس الجامعة .
حملت اسماء الفتيات بنعش على كفها واخذت تدور في القسم الداخلي الذي كان بثلاثة طوابق في ليلة سوداء بعد نوم الافعى . بلغت جميع المتهمات وطلبت منهن الفرار دون حتى التفاتة او تحضير حقيبة . شعرت بالاعياء الكبير وهي تتنقل بتلك الغرف للأستدلال عنهن لم يبق سوى اسم واحد لم تستطع الوصول اليه .
نامت ليلتها متحسرة ، ومتنهدة تحول فراشها ابر توغزها بالقلب كلما جاءتها اغفاءة من السماء .
لم تمضِ سوى ساعات حتى سمعت الركلات على مخادع البنات في القسم ، شعرت ان الرعب اخذ يسير في عروقها كسريان النار في الهشيم ، قفزت هي والافعى من فراشها ، تضاعف دقات قلبها وبلل العرق جسدها ، ذعر شديد وهي امام منظر الموت والخوف من اكتشاف امرها .
لم يجدوا الفتيات المطلوبات في القسم الا واحده سمعت صراخها وهي تركل بالأرجل امام الفتيات وتستغيث كانت تتلوى من الضربات فتاة جميله بفم صغير وشعر طويل يصل الى انحناءات خصرها شقراء رقيقة الشفتين عيناها عسليتان جميلتان واهداب كثيفة صبغ وجهها الابيض بالدماء وكسرت انفها الدقيق بركلات احذيتهم سحلت من شعرها سحلاً مزقوا ملابسها وجسد كالمرمر يضيء بليل معتم امام الذئاب .
ارتعدت مفاصلها من هول المنظر تراجعت الى الوراء كالمصعوقه انحبست انفاسها تابعت مشاهدت هذا الفصل لم تستطع فعل شي سوى البكاء بمراره وحرقة دون صوت يذكر واحتضانة الافعى لها لكي تمنحها الهدوء السكينة .
مازالت تلك النظرات التي رمقتها بها الفتاة المغدورة لطلب النجدة لن تمحى من ذاكرتها ابداً بل عادت وبقوة مع الايام التي ولت اشد مرارة وقسوة حين رأت تمثال الطاغية يسقط ارضا ويركل بالاحذية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اخبار دولية

تقارير وتحقيقات

تقارير وتحقيقات

الاعلانات

اخبار امنية

تكنلوجيا